آن الأوان II
للمبدعة نادية بنصالح
البيعة
(10)
غريب هو موضوع تفاعل الإنسان لأنه كائن حي فرضت عليه الطبيعة أن يكون اجتماعيا وهو في نفس الوقت كائن استثنائي يختلف عن ما سواه من كائنات البسيطة، إذ يتميز بعقل هو المحدد الجوهري لتفاعلاته، ولأنه اجتماعي حباه الله بنعمة الإختيار في قرار تفاعلاته أينما ومع من كان نتيجة لمدى استيعابه للجو العام المحيط به من تأثيرات خارجية والتي تلعب دورا كبيرا في قرار الإختيار.
من أهم هذه التأثيرات معرفة الأصل بمعنى آخر تاريخ استيعاب وفهم المؤثرات الكبرى التي تعتبر ركائز النظرة العامة والشاملة للشبكة المجتمعية خاصة ما تركه السلف (منظرين، إيديولوجيين، مؤثرين، …) من تفاعلات بناءة اعتبرت قواعد جدلية كإطار لضمان رقي واستمرار المنظومة المجتمعية.
وكوننا أمة مغربية فقد حدد السابقون (أهل الحل والعقد) منهج الإطار الجدلي الذي ارتآه جموع الأفراد/العقد كسبيل للمضي قدما نحو المستقبل وبناء الأفضل، إطار جدلي بما يتضمن من اختلاف وتعارض،… إلا أنه يتفق ويتحد في نقطة القمة، قمة بمثابة يد تغطي وتضم وتزكي وتمثل وحدة الصف وفي نفس الوقت منبع إشعاع لعقد/أفراد الشبكة المجتمعية في شكل جدلي – عموديا وأفقيا- وفي تراتبية لا يفهمها إلا المغاربة المستوعبون للإطار العام للشبكة المجتمعية الخاصة بالمملكة المغربية وفي نفس الوقت تجعل الآخرين خاصة من نجتمع معهم في مجموعة من الركائز كالإسلام، اللغة، الثقافة، المصير، …غير مدركين كنه هذه العلاقة الجدلية، لأن هذا البلد الأبي فرده أهل الحل و العقد (فاطمة الفهرية، زينب النفزاوية، بن خلدون، ابن رشد، القاضي عياض، السيدة الحرة، أبو شعيب الدكالي، مختار السوسي، الموقعون على عريضة الإستقلال، ….) بعد الله سبحانه بسنة محمودة تجتمع عليها كل مكونات الأمة في موقف واحد يعبر على العهد والإلتزام والإيمان بشكل جدلي وسنوي بين القمة والقاعدة كل مستوعب أهمية هذه الكلمة وما تستوجبه من حب وعطاء وتقدير، كلمة تختلف بها دولة المغرب عن باقي دول المعمور : كلمة “البيعة” فالشعب يبايع الملك والملك يبايع الشعب. موقف يلتزم فيه الجانبان بالحب والإحترام والتقدير تمتينا واستمرارا لعهد اجتمع فيه الإثنان في ثورة الملك والشعب زكتها كلمة المغفور له محمد الخامس بعيد (بضم الباء) الإستقلال:
خرجنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر.