*** قصة قصيرة : العائد !؟ ***
@ بقلم : رحال امانوز . @
في بداية السبعينات من القرن الماضي . تمكن بوجمعة من الهجرة إلى فرنسا للعمل . غادر مدشره القابع بين جبال الأطلس الصغير . اسوة بالعديد من أبناء بلدته . الذين طمعوا في تحسين وضعهم المادي . وفقه الحظ للعمل باحد مصانع مدينة مرسيليا . وفي إطار التجمع العائلي جلب زوجته ماماس من لبلاد . طبعا لن يتزوج وهو السوسي الا من سوسية . ومع مرور الأيام ازداد له بنت وولد . سهر على رعاية اسرته الصغيرة . انهمك في العمل بجدية مبتعدا عن كل أبواب التبذير . وكان متمسكا بتعاليم دينه . متشبتا بالتقاليد التي شب عليها منذ الصغر . من العمل للبيت ومن البيت للعمل . بمجهوده الذاتي وحرصه الشديد . تمكن من جمع ثروة لابأس بها . وفي نفس الوقت كان يرسل لوالديه وأقاربه مساعدة نقدية شهرية يعينهم بها على مصاريف الزمان . رغم مشاق العمل كان يعيش في سعادة مع أفراد أسرته الصغيرة . لكن شاءت الأقدار . ان يختطف الموت ابنته وابنه . انقضى اجلهما بعد حادثة سير مميتة . انقلبت حافلة النقل المدرسي في طريق عودتهما للبيت . كانت صدمة قوية على بوجمعة وماماس . بعد مدة يسيرة انتقلت ماماس إلى جوار ربها . بعد إصابتها بسرطان الثدي . والذي لم يمهلها طويلا . ليبقى بوجمعة وحيدا . عاش وحيدا في فرنسا . ولم تراوده فكرة الزواج لمرة اخرى . بقيت له سنوات قليلة لبلوغ سن التقاعد . كان مصرا في قرارة نفسه . على قضاء ما تبقى من أيام عمره في تمازيرت . أرض الاسلاف التي كان قد غادرها اضطراريا . في اطار عبودية طوعية … عاد إلى لبلاد التي وجدها قد تغيرت كثيرا . لم يزرها منذ سنين عديدة … الوالدان انتقلا الى جوار ربهما … وكذلك اخوه واخواته . لم يتبق له من الأقربين سوى ابن أخيه ابراهيم … دخل بيته وحيدا … أحس بالوحشة . اين زوجته واين أبناءه ؟ الذين كانوا يرافقونه عند مجيئه … ليس هناك الا الفراغ … فراغ قاتل وإحساس بالعجز . ماالعمل ياترى ؟ نصحه بعض أبناء قريته بالزواج . فمن غير المعقول ان يعيش وحيدا … من يؤنس وحشته ؟ من يعمل على خدمته ومساعدته ؟ قيل له : انت مازلت في الستين ! صحتك جيدة والحمد لله ! وفوق ذلك عندك رزقك ! الف عروس تتمناك كعريس وزوج … أوكل أمر زواجه لأحد أبناء عمومته بالقرية . والذي اقترح عليه الاقتران بإحدى بناته . هي أرملة في الثلاثين . امرأة ناضجة و شاربة عقلها … لم يرق الأمر لابن اخيه إبراهيم . الذي كان طامعا في إرث عمه . ماذا لو انجبت له زوجته الجديدة أبناء ؟ يعني ذلك حرمانه من الإرث ! فهو بالكاد يوفر لقمة العيش له ولزوجه وابناءه الأربعة … لن يقبل بزواج عمه … ولن ينتظر كثيرا للفوز بثروته الطاءلة … فكر كثيرا واتخذ قراره … ذات صباح افتقد أصدقاء بوجمعة زميلهم الذي غاب عن صلاة الفجر على غير العادة . طرقوا الباب مرارا ؟ لا من مجيب ! أخبر مقدم المدشر بالأمر . اقتحم رجال الدرك البيت . وياللهول ! ؟ بوجمعة غارق في بركة من الدماء ! ؟ بعد نقل الجثة . والقيام بالتحريات اللازمة : توصلوا للجاني … والذي لم يكن سوى ابن اخيه إبراهيم . لقد حوكم بالمؤبد عن جريمة قتل الأصول. وحرم بالتالي من الميراث .
& الدار البيضاء / المغرب : 2023 &