قادتني الصدفة إلى حي 《 جوادي 》. تجوّلت في ازقته الضيقة . الحي خال من ساكنته في هذا الوقت من الصباح . بناياته القديمة قدم الزمان . اعادتني الى عقود انصرمت . لدي فيك أيها الحي العتيق . ذكريات لن تنسى أبد الدهر . أين الاصدقاء ؟ اين الجيران ؟ …
انزويت وحيدا فريدا . في ركن من مقهى حديث العهد . اجتر ذكريات الماضي السحيق … يكتنفني شعور بوحدة قاتلة … و … أكاد أصرخ . يصيبني دوار وغثيان . ثم اخال نفسي متدحرجا ، على حافة الجنون… أو معلقا على اخدود العدم … أو تاءها في دوامة الوجود … عزلة قاتلة تلفني . تخنقني العبرات المنهمرة … أشتاق واشتاق واشتاق لمن يحدثني ؟ لمن يصغي إلي؟ لترتطم روحي باللاشيء …
استرجع بقايا صور من شريط حياتي … عمري الذي ، قضيته بك أيها الحي العزيز ! … اخال الزمن توقف من حولي ! هل توقف ؟ لا لم يتوقف ! أم هو عقلي ، يا ترى توقف عن الإدراك ؟ ربما ! … لا اظن ذلك ! نعم تغير الزمان و تغيرت الأمكنة و غاب الأحباب … لكن تستمر الحياة فيك … أيها الحي الجميل . ربما ساعود لك كرة أخرى . وربما لن اعود أبدا !
كازابلانكا / 2024