أخبار عاجلة

قصة قصيرة : خطوات الهزيع الأخير ؟

المسار الجديد

بقلم : رحال امانوز .

استيقظ على وقع أصوات تقترب . ضربات أحذية على الأرض . فتح عينيه المغمضتين . تراءى له شعاع خافت … انه الهزيع الأخير من الليل … هاهم زوار الفجر قادمون لا محالة ؟ هي النهاية بلا شك . لكل شيء بداية ونهاية …!
تعالت اصوات الأسر المكلومة : الإعدام للوحش ! ممثل الحق العام طالب بإعدام القاتل المتسلسل … وبنبرة جافة أصدر القاضي حكمه : الإعدام رميا بالرصاص …!؟ كان يوما مشهودا في المدينة … أعداد غفيرة حجت لحضور محاكمة القرن … تنفس سكان المدينة الصعداء أخيرا … !

لم تشهد المدينة مثل هذه الجراءم المتسلسلة ضد الطفولة البريءة … اختطاف واحتجاز واغتصاب واغتيال وابتزاز … فهل حقا هو من فعل ذلك ؟! ظل يخاطب نفسه وهو قابع داخل زنزانته الانفرادية بحي الاعدام بالسجن المركزي : الذنب ليس ذنبه . هو ضحية … نعم ضحية أب جاء به للعالم . وهو لايملك قوت يومه . لم يوفر له أدنى متطلبات العيش … ترك له عند مماته كوخا قصديريا وعربة . هو وامه وفرقة من الاخوة . عضه الجوع بانيابه الحادة . طرد من المدرسة . تسكع في الازقة . زاحم القطط والكلاب الضالة . في المزابل للحصول على ما يملأ بطنه الخاوية . اغتصب مرات ومرات . مورس عليه الاعتداء … خبر السجون منذ حداثة سنه . سرقة واعتداء . كان الشارع مسكنه . المشردون اهله وعشيرته … !؟

صوت الخطوات يقترب …! ظل لسنوات طويلة حديث المدينة الكبيرة . عاشت الساكنة تحت وطأة الخوف . الكبار مثلما الصغار … ظهر الوحش في المدينة … يختطف الأطفال … يغتصبهم ويغتالهم بوحشية . بعد ان يطالب آباءهم بالفدية . يأخذ منهم مبالغ مالية طاءلة … ينفقها على نزواته من خمر ومخدرات … عاشت المدينة اياما عصيبة . الأمهات يرابطن أمام المدارس خوفا على أطفالهن … الأباء يمنعون أبناءهم من اللعب خارج المنازل … رهاب جماعي سيطر على الجميع …!

هو يتذكرهم جيدا واحدا واحدا . اطفال في عمر الزهور . يتربص بهم امام منازلهم . اوعند ابواب مدارسهم … يغويهم بكلامه المعسول وقطع الحلوى … يستدرجهم الى الأمكنة المظلمة الخالية … يعبث بأجسادهم الصغيرة …؟ في كل ليلة … هاهم يقفون عند رأسه . صراخهم يتعالى لا يفارق أذنيه … يبكون يولولون يقهقهون في وجهه … يتشبتون بتلابيبه … يطالبون بإعدامه . بقتله كما قتلهم … الخطوات تقترب … ونهايته تقترب …انهم قادمون …

منذ شهور وهو ينتظر مصيره المحتوم … يريد الخلاص من العذاب … التكفير عن جرائمه البشعة …
فجاة انفتح باب الزنزانة الانفرادية … في حي الإعدام … ستة رجال يقفون أمامه . تقدم نحوه إثنان منهم … احاطوا به وأخذوه إلى الساحة … لم تقو رجلاه على حمله … جروه جرا . على الأرض يتبعه ساءل كظله … تغوط وبال على نفسه … أسدل الرجلان غطاء على رأسه … لم يعد يرى شيئا إلا الظلام … انطلقت الرصاصات من البنادق . لعلع صوت الرصاص . انبعثت النيران من فوهات الفنادق .تهاوى الجسد على الأرض …وعاد الهدوء للمكان ….

الدارالبيضاء \ المغرب 2023

عن admin

شاهد أيضاً

مفتاح سعادتك في الباب الذي لم تجرّبه بعد. بقلم/ سعيدة بنت العياشي.

أحياناً تمضي أعمارنا ونحن نحدّق في باب أوصدته الحياة، ننتظر بصبرٍ مؤلم أن يُفتح،، ننتظر …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *