تعد السنوات الأولى في المرحلة الابتدائية استنزافا لطاقة المتعلمين تؤدي لانعدام رغبتهم في التحصيل الدراسي وفقدان الحماس والنشاط لمواكبة منهاجهم الدراسي فنجد القليل منهم من يصل للباكالوريا، والبعض من يكمل المرحلة الجامعية، في حين الدول المتقدمة تعتبر المرحلة الابتدائية فترة اعداد الطفل، تربويا، وفكريا، وجسديا، لمرحلة الثانوي، والجامعي، لهذا نجد ساعات العمل اقل، ومحفظة المتعلم أخف في الابتدائي، مقارنة مع الثانوي عندهم.
النظام التعليمي في المغرب يكرس المرحلة الابتدائية، فترة عذاب لأغلب المتعلمين والمتعلمات … فعن أي تجديد بداغوجي نتحدث!!!؟
لاشك أن ثمة تصورات بيداغوجية عديدة رامت التجديد البيداغوجي، ولازالت تظهر على الساحة التربوية تصورات أخرى، تتطلع إلى ملاحقة ومواكبة التطور الحاصل والدائم الذي تشهده المجتمعات على مستويات عدة، منها الاقتصادي والثقافي والعلمي. ومن بين هذه التصورات المتصلة بالتجديد البيداغوجي، التي سنقصر اجتهادنا وتأمّلنا على معالجتها، تصوران حديثان، انبثقا في السنوات الأخيرة، حيث سنحاول بسط أهم المفاهيم المرتبطة بهما، وأيضا التدليل على فعاليتهما البيداغوجية وطبيعة التجديد الذي أفرزاه. يتعلق الأمر، أولا، بمفهوم “التعلم الرقمي”، وثانيا، بمفهوم “القسم المقلوب”.
إن تطور وسطنا ومحيطنا التكنولوجي والمعلوماتي له تأثير كبير على الشكل الذي سيعلّم به المدرّسون في المستقبل، وله، بشكل خاص، تأثير على مادة التدريس، وعلى الكيفيات التي ينجز بها التلاميذ أنشطتهم وينفذون بها بعض المهمات والأنشطة التعلمية. ومع ذلك، فإن التجديد البيداغوجي الناجم عن التكنولوجيا الرقمية هو أكثر بطءا في منظومتنا التربوية التي عليها أن تسارع الخطى من أجل اللحاق بالمنظومات المتقدمة.
لهذا يقوم التجديد البيداغوجي بواسطة التكنولوجيا الرقمية على تحرير المدرسين من قيود الزمن والمكان خلال عمليات إرساء التعلمات، ودفعهم إلى التفكير في أفضل استخدام ممكن لحضور التلاميذ في الفصل الدراسي، وفي أفضل تكامل ممكن بين العمل داخل الفصول الدراسية وخارجها. وهو ما تترجمه البيداغوجيا المعكوسة أي الفصل المعكوس، والتي ما كان لها أن تجد موطئ قدم داخل المنظومات التعليمية إلا بفضل هذه الثورة التكنولوجيا الرقمية.