وجهة نظر : إحتكار المسؤولية تعطيل للتنمية
نور الدين زوبدي
لا أحد منا يمكن له أن يتجاهل التسابق الحاصل منذ عقود على احتلال مواقع المسؤولية في كل المؤسسات ، وهذا حق مشروع، ولكن يحب أن يكون في إطار الضوابط المعمول بها، لاختيار المؤهلين لذلك ، وليس استعمال كل الوسائل لبلوغها، لأن ذلك سيعطل سيرها ، وسيجعلها رهينة في يد جهات لا تعمل للصالح العام .فمن العيب والعار أن نشاهد اليوم بعض الوجوه الممسوخة تتصدر واجهة المسؤولية ، و تظهر في كل المناسبات بإعطاء بعض التصريحات المستفزة لوسائل إعلام تابعة للدولة ، وهذا ما يزيد من حدة الاحتقان الشعبي ، و ينفر الغالبية العظمى من المشاركة السياسية ، و يزكي خطاب العدمية الهدام ، الذي يريد تدمير كل شيء كي يسود طرحه الشمولي .
المسؤولية يجب أن يتحملها من هو الأقدر و الأجدر بها ، ولا يمكن أن يستمر العبث بها من قبل الانتفاعيين، و أن استمرارها تعطيل للتنمية ، و رهن للبلد مقيد لتقدمها. فإذا نظرنا إلى المسؤولين في مختلف مواقعهم ، سنجد أن معيار الكفاءة ليس هو المتحكم ، بل القرب من مصدر القرار وأشياء أخرى تعلب دورا حاسما في الإختيار ، مما يجعل مؤسساتنا تسير من طرف فئات تعتقد أنها خلقت لهذه المهمات ، ولا أحد قادر على محاسبتها، وأن غيرها لن يستطيع تحملها ، وإن تمكن بالصدفة أو فرضته ظروف ما ، فلن يطول وقته ، فإما أن يرحل بدون ضجيج أو تدبر له مكيدة يؤدي فيها الثمن غاليا ( الأمثلة كثيرة ) .
إن التسابق على المسؤولية من طرف أصحاب المصالح الخاصة ، و دون توفرهم على الكفاءة والتجربة التي تؤهلهم لأداءها، يعتبر العامل الأساسي في استمرار العبث بها ، وتحولها إلى أداة لمراكمة الثروة بطرق غير مشروعة ، وأصبح الشعب ينظر إلى من يتحملها بعين الربا ، ويوجه أصابع الاتهام إلى الجميع دون إسثتناء، وهذا ما كانت تسعى إليه بعض الجهات التي تتصيد الفرص ، للطعن في بعض المسؤولين الشرفاء والنزهاء ، لأنها غير راضية على سلوكهم و طريقة تسييرهم الشفاف .
بكل صراحة ، هذا هو حال ادارتنا و مجالسنا المنتخبة ، فلوبيات المصالح الخاصة تسعى إلى إحتكار المسؤولية ، لتستمر في انتفاعها واستفادتها من الإمتيازات، وغير مبالية بمصالح الشعب والبلاد ، وفي اعتقادي المتواضع ، لابد من اصلاح عميق ، يعيد الثقة من جديد ، يستهدف إبعاد الوجوه الفاسدة عن مراكز القرار والمسؤولية ، وهذا يتطلب شجاعة ، لأنها ستقاوم بوسائلها المعلومة التي أصبحت تتوفر عليها ، كما أن القوى الحية مطالبة بدورها بإصلاح بيتها، لأنها جزءا مهما ضروريا في أحداث التحول المطلوب.