تزايد الحديث عن الانتهاكات المرتكبة في الصين ضد الأقلية المسلمة “الأويغور”
كشفت وثائق سرية مسربة تقارير حصل عليها الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين ونشرتها وسائل الإعلام في أنحاء العالم، أن الصين احتجزت ما يصل إلى مليون شخص من الأويغور في معسكرات إعادة تأهيل. لكن بكين تنفي الاتهامات الموجهة إلهيا، وتتحدث عن “مراكز تدريب مهني” لإغناء المعارف ومحاربة التطرف الإسلامي.
ورغم تزايد التقارير التي تدين الانتهاكات المرتكبة في الصين ضد الأويغور، الجماعة المسلمة الناطقة بالتركية في إقليم شينجيانغ (شمال غرب)، تلتزم الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي الصمت ولا تحرك ساكنا دفاعا عن هذه الأقلية المضطهدة.
ويظهر الخط الفاصل بين المدافعين ومنتقدي السياسة التي تقودها الصين في شينجيانغ. خلال اجتماعات الأمم المتحدة، فخلال اللجنة الثالثة للشؤون الاجتماعية والإنسانية والثقافية في نهاية شهر أكتوبر، ادانت 23 دولة -بما فيها فرنسا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة- قمع الأويغور الممنهج. في المقابل حصلت بكين على دعم 54 دولة، غالبيتها من إفريقيا، أثنت على سياسة الإدارة الصينية في منطقة الحكم الذاتي.
أما الجولة الأولى من هذه المعركة فقد وقعت في يوليو الماضي في نفس الحلبة، حيث برز هذا الانقسام عندما وجهت 22 دولة رسالة إلى الأمم المتحدة تندد فيها بمعاملة السلطات الصينية لأفراد من أقليات عرقية في منطقة شينجيانغ وتدعوها إلى وضع حد للاعتقال التعسفي فيها.
ردا على ذلك، هبت 37 دولة لدعم بكين من بينها 14 دولة عضوا في منظمة التعاون الإسلامي بما فيها السعودية ومصر وباكستان والإمارات وقطر والجزائر. هذه الدول قامت بدورها بتوجيه رسالة هنأت فيها “الصين بإنجازاتها اللافتة على صعيد حقوق الإنسان”، كما أنها “أخذت علما بالأضرار الهائلة التي تسبب بها الإرهاب والتوجه الانفصالي والتطرف الديني لكل المجموعات الإثنية في شينجيانغ”. وتابعت هذه الدول “في مواجهة التحدي الخطير للإرهاب والتطرف، اتخذت الصين سلسلة إجراءات لمكافحة الإرهاب والتطرف في شينجيانغ وخصوصا عبر إنشاء مراكز تعليم وتدريب مهنية”، مشددة على أن “الأمن عاد” إلى المنطقة.
هذا الموقف يترجم صمت منظمة التعاون الإسلامي، التي تضم 57 دولة، إزاء التقارير التي تتهم الصين بالانتهاكات بحق الأويغور، رغم أن المنظمة توحدت مواقفها مرارا عند وقوع انتهاكات بحق المسلمين، كما كان الحال أثناء أزمة الروهينغا في عام 2017 حيث احتشدت الدول الأعضاء فيها دفاعا عن هذه الأقلية ضد السياسة التي يتبعها الجيش البورمي.
وفي جنيف، بذلت منظمة المؤتمر الإسلامي كل مجهوداتها للحصول على إدانة ضد بورما لدى مجلس حقوق الإنسان.
وقد اجتمعت منظمة التعاون أو المؤتمر الإسلامي آخر مرة بشأن الأويغور في 2015 عندما عبرت في بيان عن “قلقها” بشأن عدم قدرة الأقليات المسلمة على صوم رمضان.
وقالت مديرة الأبحاث عن الصين في “هيومن رايتس ووتش” صوفي ريتشاردسون إن “التضامن مع الأويغور أقل من تضامنهم مع القضية الفلسطينية أو بشأن الروهينغا”، مشيرة إلى أن “بكين تتمتع بدعم هذه الدول التي تحتاج إلى الاستثمارات الصينية”.
“أيها المسلمون، لا أتمنى لكم رمضان كريم!” بهذه الكلمات وبنبرة ملؤها الأسى والغضب، أطلقت مديرة معهد الأويغور بأوروبا ديلنور ريحان في شهر مايو الماضي صرخة عبر مجلة “نوفيل أوبسيرفاتور” الفرنسية موجهة للعالم الإسلامي تشجب فيها عدم مبالاته بـ”أحد أكبر الجرائم ضد الإنسانية في القرن 21″، في إشارة إلى القمع الذي تتعرض إليه أقلية الأويغور في منطقة شينجيانغ، شمال غرب الصين.
وهاجمت ديلنور ريحان، وهي من الأويغور ومقيمة في فرنسا، في الوقت ذاته الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وكتبت رسالة مفتوحة مشتركة مع النائب اليساري بالاتحاد الأوروبي رافائيل غلوكسمان نشرتها صحيفة “ليبيراسيون” إن “الجرائم الكبرى تتغذى من الصمت، لقد سقط الأويغور الآن في نوع من الثقب الأسود… ثقب أسود مشروع في الصين […] وثقب أسود سياسي في العالم: فهم بالكاد يُذكرون في مفاوضات بلداننا مع القادة الصينيين.”
لكن، ورغم نشر معلومات جديدة عن مراكز احتجاز في شينجيانغ، يبقى التضامن مع هذه الأقلية المسلمة التي تتعرض للقمع الممنهج من قبل السلطات الصينية، محدودا./عن فرانس ٢٤ بتصرف