أبو ادم الشرقاوي مهداوي
رصدت فاعلات وفاعلون جمعويون مهتمون بقضايا وحقوق النساء، مجموعة من الثغرات في النص والتطبيق تعاني منها “مدونة الأسرة”، تحدثوا عنها في نشاط تكويني تحسيسي نظمته “جمعية انصات لمناهضة العنف ضد النساء”، الأربعاء 06 مارس 2024، احتضنته قاعة الأنشطة بالمركز متعدد الاختصاصات القدس ببني ملال.
النشاط الذي عرف مشاركة جزء من الطيف الجمعوي المدافع عن حقوق المرأة بجهة بني ملال خنيفرة، أكد منظموه على انه محطة للاستماع إلى الساحة المدنية من أجل صياغة خلاصات للمحاور الأربع المبرمجة، والترافع من اجلها.
وشهد النشاط حضور فعاليات نسائية، من مختلف أقاليم الجهة، ومحامين وجامعيين،إضافة الى رجال الإعلام، في سعي إلى “التكامل بين العمل الحقوقي المدني والعمل الإعلامي”.

نعيمة واهلي، باسم إنصات الجمعية المنظمة للنشاط، قالت إن هذا النشاط “مائدة للنقاش والاستماع (…) والتكامل بين العمل الحقوقي المدني والعمل الإعلامي.. من أجل التغيير الذي ننشده في مدونة الأسرة بعد حوالي عقدين من التطبيق، والأحكام القضائية”.
واستحضرت المتدخلة “النقاش الذي لم يكن سهلا، منذ عقدين، والتجاذب المجتمعي الكبير والحاد”، وتوالي المطالب والترافعات”، قبل أن تدعو إلى “عمل من أجل مدونة تحقق المساواة كما نريدها”.
نجوى أبو توم، أم عازبة وتفتخر، ذكرت أنه رغم تشكيل مدونة الأسرة، تقدما وتطورا، مقارنة بالسابق، إلا أن النساء العازبات، مازلن يعانين، وتحدثت عن تجربتها المريرة ، منذ الحبل إلى الولادة وما صاحبها من استفزازت، وحط من كرامتها كإنسانة، الى المعاناة المزدوجة، التي أصبحت تعيشها ووليدها، الذي يبلغ اليوم من العمر اثنا عشرة سنة، واردفت “ومازال والده يرفض الاعتراف به،” صارخة بأن القانون يكبلها ويرفض الاستجابة لطلبها إجراء خبرة جينية.. مطالبة بالنص مستقبلا في المدونة ان يؤخذ بالخبرة الطبية لإثبات نسب الطفل، ليأخذ اسما ونسبا وهوية، ومصرة انه “ينبغي النص صراحة على الخبرة الجينية لإثبات نسب الأبناء، لا أن نسمح بضياع حقوقهم الأساسية “
فاتحة التوزاني أستاذة جامعية، ومهتمة بحقوق المرأة، رصدت مجموعة من التناقضات التي قالت ان المدونة تحملها بدءا من “تناقضات في الولاية للأب، والقوامة، وفصول تمييزية، مثل إسقاط الحضانة عن الأم في حالة زواجها، وعدم إسقاط حضانة الأب في حالة زواجه، والوقوف دون أن تسكن المرأة بعيدا عن مقر سكن الزوج، ومنعها من استصدار جواز السفر، أو وثيقة، أو فتح حساب بنكي للأبناء دون موافقة الزوج”.
واعتبرت المتدخلة أن واقع المغرب قد تغير في العقدين الماضيين، وان الفصول المتعلقة بالحضانة والولاية أصبحت مراجعتها ملحة أكثر من أي وقت مضى.
المحامية الأستاذة مريم كما قدمتها نعيمة واهلي، تحدثت عن “ثغرات واختلالات عديدة في المدونة، ومعاناة مغربيات عدة في المحاكم المغربية، وتطرقت لـ “مسطرة الصلح وما يشوبها من عيوب، واصفة إياها بأنها أصبحت شكلية، وان أطرافها أحيانا يكونون هم اصل المشكل، مقترحة مراجعة مكونات هذه المؤسسة كما أسمتها، لتثير“مطبات” النفقة ومعاناة النساء في البحث، معتبرة ان معايير تحديد المستحقات غير واضحة، مما يجعل قضايا طلاق متشابهة، تختلف المستحقات المحكوم بها من محكمة الى أخرى، بل ومن قاض الى قاض في نفس المحكمة. وختمت بأن “لغة المدونة لم تعد مقبولة، بتعبيرات مثل (المتعة)، هذه اللغة تعامل المرأة كشيء، بقول إن النفقة مقابل المتعة (…).
الياس، الشاب الجميل كما وصفته مسيرة النشاط، قال ان “كل مؤسسات الدولة تتحدث عن تزويج القاصرات، بأرقام مخيفة، وآثاره السلبية، من طلاق مبكر وأطفال شوارع وأطفال في وضعية صعبة”، أما “النسب الضعيفة لتعدد الزوجات، فتدعو إلى الإلغاء، في ظل وجود تحايل على القانون، بتغيير مكان السكنى وتزوير الوثائق الإدارية (…) ”.
رشيدة سرير عن انصات ، رأت أن مراجعة مدونة الأسرة ينبغي أن تتم لأنها “تهم المجتمع ككل، لا المرأة فقط”، وأضافت نحتاج مدونة حقيقية تحل مشاكل الأسرة الحقيقية.
باقي المتدخلين، ونذكر منهم، الفاعل الجمعوي الشرقاوي التهامي، والمدون المهدي سابق، والمحامي حصالة، وفاعلة جمعوية ينادونها “ماماتي” مهتمة بالأطفال المتخلى عنهم، اجمعوا على ان المدونة حملت إشكالات وعيوبا، أثرت على وضع المرأة وجعلتها الطرف الأضعف في هذا القانون هي والطفل”، مطالبين بان تكون المدونة المرتقبة، قانونا يناقش الأسرة المغربية، لا قانونا يحمل التوافق بين اتجاهات معينة، بأسلوب تلفيقي، يمنَع المدونة من تأدية الدور المطلوب منها، واعتبروا بعض المصطلحات الواردة في المدونة، لغة معيبة مقارنة مع ما صادق عليه المغرب من اتفاقيات، وتحدثوا عن تعطيل بعض بنود المدونة خصوصا المتطورة منها حيث تعطلت نهائيا مساطر الحد من تعدد الزوجات، وصار تزويج الطفلات يتم حتى دون استشارة الطفلة، وارتفعت نسبة المتزوجات من هذه الفئة ونسبة طلاقهن ونسبة الوفاة عند الأمومة…
وفي الختام دعا المشاركات والمشاركون في نشاط “إنصات” إلى “إلغاء تعدد الزوجات نهائيا”، وإلى تعديل “كل القوانين المتعلقة بالحالة المدنية، والقانون الجنائي، حتى لا تبقى اختلالات كبرى في قوانين أخرى.