رأي شخصي في تعويضات أعضاء المجلس الوطني للصحافة
الرباط/ الحسن ايت بيهي
انطلقت اليوم حرب جديدة بين عينة من الصحفيين يعتبرون أنفسهم حراس الفضيلة ضد عينة أخرى من زملاء المهنة الذين يخصصون جزءا من أوقاتهم لإعادة الاعتبار لشرف هذه المهنة.. السبب بسيط جدا.. قبل عام ونصف انتخبنا مجلسا وطنيا مكونا من زملاء المهنة.. مجلس يسعى إلى تنظيم شؤون المهنة وتنظيفها من الدخلاء الذين أساءوا لنا كثيرا.. طبيعي أن هذا المجلس الذي يعمل تحت وصاية السلطة الحكومية المكلفة بالإعلام سيكون في حاجة إلى موارد مالية لإنجاز عمله..
بعد عام ونصف تم الإفراج عن النظام الداخلي للمجلس الوطني للصحافة الذي ينظم شؤونه وكيفية حل نزاعاتنا مع بعض أرباب المقاولات الصحفية ويحافظ على أخلاقيات المهنة.. فضلا عن التعويضات المالية المخولة لهؤلاء الأعضاء الذين لا يتعدى عددهم 21 عضوا..
للأسف لم نر في كل حيثيات النظام الداخلي للمجلس سوى المواد التي تتحدث عن التعويضات.. هنا لا بد من استعار نار الغيرة لدى قادة هذه الحرب.. أعرف أنهم لو كانوا مكان هؤلاء الزملاء لبلعوا ألسنتهم بل ومنهم من حارب حتى لا يرى هذا المجلس النور.. واليوم يحاولون الظهور كحراس للمال العام.. أعرف أن التعويضات التي تم إعلانها لا تصل حتى إلى ربع ما يتلقاه أعضاء مجالس أخرى من تعويضات لكن كما نقول “خوك فالحرفة عدوك” فلو كان أعضاء المجلس من غير الصحفيين لبلع الجميع لسانه ولسعى لخطب ود من يسيرون شؤوننا..
شخصيا لا تهمني تعويضات الزملاء التي سيتلقونها.. اعتقد أنهم يستحقونها.. بل سعيد جدا لكون المجلس يمثلني ويسمح لزملاء لي بأن يديروا شؤوننا.. فنحن أدرى بشؤون مهنتنا، ولا أعتقد أن الزملاء كانوا يغالون وهم يصادقون على هذا النظام الداخلي.. أعرف أن المبالغ التي ضمنوها في هذا النظام هي أقل من الحد الأدنى المفروض الحصول عليه من طرفهم لكونهم في مهمة تطوعية..
أعرف الكثير منهم، فمنهم من عملت إلى جانبه ومنهم من تعلمت منه ومنهم حتى من اختلفت معه في وقت من الأوقات لكن أحترمهم جميعا ولن أسعى يوما إلى رفع معول الهدم في وجوه الزملاء فقط لأنهم يمارسون نفس المهنة التي أمارسها، أو لأنهم سيحصلون على تعويضات لم أستطع الوصول إليها.. لكن الشهامة تقتضي الاعتراف بأن تلك الدريهمات التي رمى لهم بها رئيس الحكومة لا توازي المجهود الذي يتم بذله من طرفهم.. ومهما كان هذا المجهود فلا ينبغي لنا أن نبخسه أو نجعله باب من أبواب الشيطان يدخل منها لتفرقتنا ونحن نعيش تجربة خاصة من أجل إعادة الاعتبار لمهنتنا..
أعتقد أن من يهاجم اليوم المجلس عليه أن يعيد حساباته مع نفسه.. نعم.. لقد كنا نعرف ومنذ أول يوم أن المجلس سيكون في حاجة إلى موارد مالية.. وأعضاؤه سيتلقون تعويضات عن المهام التي سيقومون بها.. كان على الذين يرفعون اليوم عقيرتهم بالصراخ رفعها قبل انتخاب المجلس والدعوة صراحة إلى إلزام أي عضو بعدم أخذ درهم واحد.. وما دام ليس هناك شيء من هذا القبيل فلا يسعني سوى استغراب هذه الحرب وهذه الهجومات..
كان الأحرى بنا قبل مهاجمة زملائنا أن نقارن الفتات الذي رمت لهم به الحكومة مع تعويضات مجالس أخرى.. لنقارنها مع تعويضات البرلمانيين ومع أعضاء المجالس الأخرى (مجلس المنافسة، مجلس حقوق الإنسان، الهاكا…) بل وحتى مع تعويضات المنتخبين في المجالس القروية والحضرية والجهات والأقاليم وغيرها.. وأزيد من الشعر بيتا لنقارن هذه التعويضات مع ما يأخذه عضو بديوان أي وزير لنرى الفرق الكبير.. ولمن أزعجه تعويض 700 درهم للتنقل داخل مساحة لا تقل عن 100 كيلومتر كمثال أقول أن هناك من يأخذ أضعاف هذا التعويض وهو جالس في مكتبه.. ولمن أزعجته تعويض 3000 درهم عن حضور اجتماع فهناك اجتماعات يحضرها أضعاف عدد أعضاء مجلس الصحافة ويحصلون على تعويضات لا تقل عن 10000 درهم.. ولمن أزعجهم راتب 7000 درهم الذي سيتقاضاه الأعضاء الذين انتخبناهم، فهناك جهات تمنح أضعاف هذا المبلغ لأعضائها دون حتى تكليف أنفسهم بالحضور.. علينا تغليب صوت العقل.. نعم كثيرون منا يعانون.. لكن يجب أن نفرح ونسعد لأي مكتسب نحصل عليه لصالح زملائنا.. طبعا قد يقول قائل أن التعويضات ليست مكتسبا ولكنها ريع علينا محاربته.. لكن أرد عليهم وأقول: وهل تريدون من زملائنا أن يصرفوا على المهام التي انتدبتموهم لها من جيوبهم وقوت عوائلهم.. اتقوا الله فينا وفي أنفسكم يرحمكم الله.. فتعويضات أعضاء مجلس الصحفيين مجرد “كمشة” في كومة قش ضخمة من التعويضات لو عمدنا إلى البحث عن حجمها فسنجدها كتلك القشة التي تتقاذفها الأرجل لكن لا تجعلوا منها تلك القشة التي يريد البعض لها أن تقصم ظهر الصحفيين..